تقرير خاص بالثورة الفلسطينية الكبرى ( ثورة 1936 )
تعد الثورة الفلسطينية الكبرى ( التي انطلقت في 20 نيسان 1936 ) من أضخم الثورات الشعبية التي قام بها الشعب الفلسطيني ضد المستعمرين الإنجليز واليهود المهاجرين إلى فلسطين في زمن الاحتلال البريطاني لفلسطين، واستمرت ثلاث سنين متواصلة ابتداءً من عام 1936 - 1939 ، توافرت لها شروط الثورة هدفاً وأداةً وأسلوباً ، وكانت الأطول عمراً قياساً بالثورات والانتفاضات التي سبقتها حيث وقعت معارك ضارية وعنيفة بين مقاتلي الثورة والجيش البريطاني والعصابات اليهودية.
وهي تمثل محطة بارزة في حركة النضال الفلسطيني ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني منذ أواخر القرن التاسع عشر، مرت الثورة بمراحل عدة نوضحها في هذه التقرير إبتداءً بإعلان الإضراب العام الكبير، والذي استمر ستة أشهر.
ما قبل الثورة ...
بعد استشهاد الشيخ عز الدين القسام أواخر عام 1935م اشتد اضطراب الجو السياسي في فلسطين لقرب نيل بعض الأقطار العربية استقلالها وخاصة مصر وسوريا ولبنان ، وكان أمل الجماهير الفلسطينية وكفاحها لنيل الاستقلال ومناهضة إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين ولم تكن هذه الأماني لتتحقق إلا عن طريق النضال الجماهيري الموحد والوقوف في وجه السلطة البريطانية. تهيأت الظروف المواتية لإعلان الثورة نتيجة لإدراك الشعب الفلسطيني المخططات الصهيونية الرامية إلى إنشاء الوطن القومي اليهودي ، وازدياد حجم الهجرة الصهيونية منذ سنة 1933 وسيطرة الصهاينة على الشؤون الاقتصادية وعلى المزيد من الأراضي الفلسطينية.
أسباب وعوامل إندلاع الثورة.
كانت هناك أسباب ممهدة لإنفجار الثورة وهي كالتالي : -
الهجرة اليهودية المتدفقة على أبواب فلسطين تحت عيون الإنجليز وبتشجيع منهم , بلغ عددهم سنة 1935- (61,541 ) مهاجرًا.
بسط اليهود يدهم على أراضي فلسطينية سواء عن طريق انتقال الأراضي الفلسطينية لليهود.
رفض الفلسطينيين لفكرة إقامة وطن قومي لليهود وتخوفهم على مصيرهم ومكانتهم وتاريخهم وكيانهم .
عدم المساواة بين اليهود والعرب أمام الحكومة البريطانية وقوة اليهود في الحكومة البريطانية مما يقوض آمال العرب القومية.
عدم وضوح نوايا الانتداب البريطاني.
ازدياد الوعي القومي والفلسطيني وخاصة في ظل حركات التحرر العالمية والشرق أوسطية.
انطلاق الثورة وأعمالها :
في 20 من ابريل أعلن في مدينة نابلس عن تأليف لجنة قومية دعت إلى الإضراب العام ، وفي 25 أبريل اجتمعت الأحزاب برئاسة الحاج أمين الحسيني الذي ساند الأحزاب ، انتشر هذا الإضراب في جميع القرى والمدن الفلسطينية كانتشار النار في الهشيم . وكان الشيخ فرحان السعدي الشرارة التي أطلقت ثورة عام 1936، ففي 17/4/1936م قام هو ومجموعة صغيرة من رجاله (لا يتجاوزون الثلاثة) بنصب حاجز على طريق عنبتا طولكرم، وقاموا بتفتيش السيارات المارة بحثاً عن مستوطنين يهود، وقاموا بإعدام اثنين منهم، فيما كانوا يجمعون التبرعات من المواطنين العرب، ويقولون لهم نحن رجال القسام.
أعمال الثوار .
الإضراب العام - إستمر ستة أشهر.
مهاجمة المستعمرات .
مهاجمة مراكز الشرطة الإنجليزية .
تدمير خطوط سكة الحديد والجسور .
الاشتباك مع الجنود وأفراد الشرطة الإنجليز ووقوع معارك طاحنة أسفرت عن خسائر من الجانبين .
مقاطعة لجان التحقيق البريطانية .
استرجاع مناطق كاملة من أيدي الإنجليز.
الإرهاب الإنجليزي ورد فعله على الثورة.
1) إقامة الحواجز والتفتيش .
2) العقاب الجماعي للقرى .
3) السجن .
4) التعذيب الشديد الذي لم يشهد التاريخ البشري أبشع منه.
5) استعمال الشباب الفلسطيني كدرع واق من الثوار .
6) تخريب الأملاك والبيوت والمؤن .
7) إعدام كل من يملك البارود أو الرصاص .
النفي .
9) هدم البيوت .
10) هدم أحياء كاملة , كما حدث في يافا القديمة وذلك بحجة أن الحي قلعة لا تجرؤ القوات على دخولها , مما أدى إلى تشريد عشرات العائلات.
نهاية الثورة .
امتدت نهاية الثورة من خريف سنة 1938 حتى صيف سنة 1939. وبدا ان البريطانيين كانوا يتحركون، في تلك الفترة ، في اتجاهين: ففي مطلع نيسان / ابريل 1938 ، أوفدت بريطانيا لجنة تحقيق، برئاسة السير جون وودهيد، لدراسة الجوانب الفنية لتنفيذ فكرة التقسيم ـ كما قيل وقتها.
وقد نشرت اللجنة تقريرها في تشرين الثاني / نوفمبر من السنة نفسها، وتوصلت فيه الى ان التقسيم لم يكن عمليا.
ومع هذا دبر البريطانيون هجوما شاملا لسحق الثورة نهائيا. فقد جلبوا تعزيزات هائلة جديدة بعد ان تمت التعبئة الجزئية للقوات البريطانية المسلحة الرئيسية في بريطانيا لهذا الغرض واستقدمت فرقتين عسكريتين من الهند والتي كانت مستعمرة بريطانية، وسلموا إدارة شؤون فلسطين الى قادة عسكريين. وكانت الاشتباكات التي عقبت ذلك من اشد وأعنف ما حدث.
ومع نشر تقرير وودهيد ، أعلنت الحكومة البريطانية أيضا نيتها عقد مؤتمر عام في لندن يحضره زعماء صهاينة وفلسطينيون ، ومندوبون عن الدول العربية المجاورة . على ان بريطانيا كانت من قصر النظر بحيث اعترضت على اشتراك الزعيم الفلسطيني البارز الحاج أمين الحسيني، رئيس اللجنة العربية العليا المحظورة، في هذا المؤتمر. وكان الحاج امين الحسيني ـ اثر تفاديه الاعتقال في أيلول / سبتمبر 1937 ـ يتولى قيادة الثورة من منفاه في لبنان. ودام مؤتمر لندن من 7 شباط / فبراير الى 27 آذار / مارس 1939، لكنه لم يتوصل الى تسوية ترضي الصهاينة والفلسطينيين.
نتائج الثورة .
إستشهاد 5000 مقاتل وجرح 15,000 وإعتقل 108 من قوات الثورة الفلسطينية.
مقتل 262 جندي بريطاني وجرح 550.
مقتل 300 وجرح 469 وأسر 4 من العصابات الصهيونية.
المقترحات السياسية الإنجليزية كانت تحاول إجهاض الثورة والفتّ في ساعدها – وزرع الشقاق بين الأشقاء الفلسطينيين .
ظهور شخصيات فلسطينية وعربية شاركت في الثورة كرموز بطولية مثل عبد الرحيم الحاج محمد، والشيخ فرحان السعدي، ويوسف أبو درة، وعبد الرحيم محمود، وعبد القادر الحسيني. .
وقعت الدول العربية تحت الضغوط البريطانية لإطفاء لهيب الثورة مثل الأردن, العراق, السعودية.
ملاحقة الفرنسيين للثوار الذين التجئوا إلى لبنان وسوريا وقطع خطوط الإمداد للثوار .
بداية الحرب العالمية الثانية ساهم في نهاية الثورة .
أسباب فشل الثورة:
فشلت الثورة الكبرى لعدة أسباب أهمها:
الفارق الكبير في ميزان القوى حيث كانت الأمبرطورية البريطانية قوة عظمى في ذلك الوقت تملك قوة جوية ضاربة، واستدعت فرق إضافية وجندت المستوطنين اليهود، وفي المقابل كانت إمكانيات الثوار المادية والتسليحية والعددية متواضعة.
وإن كان استمرار الثورة ممكناً رغم اختلال ميزان القوى، إلا أن ذلك كان مشروطاً بالقدرة على إعادة تعويض الخسائر التي تلحق بالثوار، فكان افتقارهم لقيادة قادرة على إعادة إنتاج نفسها، من خلال استقطاب عناصر جديدة لتعويض النقص البشري،
بالإضافة إلى انفصال الأحزاب السياسية عن الثوار سبباً قاد إلى تلاشي الثورة ونهايتها بمجرد اعتقال قادة الثورة وتصفيتهم.
كما لعبت أخطاء الثوار دوراً في فشل الثورة، وخاصة كثرة الاغتيالات السياسية بحق الشخصيات السياسية العربية المتواطئة مع بريطانيا وغيرهم ممن اعتبروا خونة ومتواطئين والتوسع في اتهام الناس بالخيانة ولأمور لا تستحق مثل العمل في الإدارات الحكومية، فأورثت هذه الاغتيالات أحقاداً لدى أقارب من قتلوا على يد الثوار، ودخل الثوار في دوامة ثأر وثأر مضاد مع أهل من اغتيلوا مما أنهك قوتهم وشتت جهودهم.
منقول .... المصدر...(شبكة فلسطين للحوار)